حلم ليلة صيف .

مشاهدات





فائزة الفدعم

قرأت مقالاً عن واقع البنوك وشركات الصيرفة فعادت بي الذاكرة الى الماضي البعيد ومنها ماجرى قبل أربعين او خمسة وأربعين عاماً تقريبا .

كان هناك فرع للتوفير في المؤسسة العامة للبريد والبرق والهاتف . بإمكان المواطنين إيداع ما زاد عن الحاجة من النقود وكثيرا ما تطرق اسماعي عبارة : ( ذبيتها بالبريد ) أي أودعتها في صندوق التوفير الخاص بدائرة البريد .

كان كل مواطن يستلم دفتر فيه قيمة المبالغ وتواريخ السحب والايداع كما هو متعارف عليه وقد أودعت في حينها مبلغاً لا يستهان به تحسباً لوقت الحاجة . وبعد عدة سنوات خطر لي أن اسحب المبلغ ولان بعض صديقاتي ومعارفي كانوا يعملون هناك أحببت ان أبدو بأحسن مظهر فذهبت الى السوق لشراء بعض الملابس والاكسسوارات ولفت نظري محل السيد جليل الذي كان معروفاً ويسمى المختار فسلمت عليه وكان والد صديقتي سميرة رحمها الله ، وابتعت ملابس وادوات زينة تليق بالمناسبة وكان يقع مقابل محل ابو عدنان الفلسطيني .

اجتزت طريقا مختصرا وهي دربونة تقع بين باتا ومحل السيد احمد ابو محل العروسة بعد انتقاله من محله الواقع قرب حجي ابراهيم ابو الكباب ومقابل حسن الطرشچي شقيق القابلة المأذونة السيدة مكية وذلك بعد هدم الجامع الواقع على نهر خريسان .

خرجت من دربونة الحمام إلى محل السيد الشفتاوي الواقع تحت مقر الشبيبة بالضبط وكان مشهورا بعطوره الراقية المستوردة ولهذه المناسبة ابتعت منه قنينة عطر شانيل 5 وعدت الى البيت . كانت الوالدة لديها سترة نسائية تسمى في تلك الايام ( ترواكة ) اشترتها من السيد هادي ابو حسن الكرخي محل العروبة فاستعرتها منها وانا متلهفة للذهاب والتحضيرات على أشدها وانا احلم بلقاء صديقاتي الموظفات في البريد وبعد سحب المبلغ سوف أسافر مع صديقاتي المعلمات إلى بعض الدول الاشتراكية وربما أكون بصحبة صديقتي المعلمة الست شكرية من أهالي بهرز والتي كانت بعد عودتها من السفر تجلب لي هدايا لاتخطر على البال لجمالها وانا احلم واحلم واحلم .

وجاء اليوم الموعود لسحب المبلغ فاستودعت اطفالي عند صديقة عمري الغالية ام ليث زوجة السيد المرحوم حيدر علي عباس البياتي والتحضيرات على أشدها بدءا بالحذاء الذي اشتريته من محل ( ريو ) في شارع النهر والعباءة الجديدة وخرجت متجهة نحو ساحة البرتقالة وكان صوت القاري ابو العينين شعيشع يصدح من راديو قهوة عبد الرحمن ابو ليث ٠ وقفت لاركب العربة فسألني العربنجي إلى اين الوجهة قلت له إلى البريد قرب المحطة وعند ركوبي أحسست حينها باني الملكة ماري انطوانيت وضحكت في داخلي متسائلة اين القبعة وفوقها الريشة؟

سارت العربة وعلى أنغام حوافر خيلها كنت أدندن مع نفسي ( أتاني زماني بما ارتضي فبالله يادهر لاتنقضي ) حتى وصلت الدائرة وانا مزهوة ولكن لم ارى صديقاتي القديمات اللاتي اعرفهن سابقا ولكني وجدت موظفة لم ارها من قبل ينادونها بأم محمد ، وبعد السلام والتحية اعطيتها دفتر البريد فقامت بإجراءات التدقيق ، ذهبت الى غرفة المدير ومن ثم عادت لتسلمني الدفتر وهي تقول لي على استحياء : لقد سقطت صلاحية الدفتر لعدم المراجعه لطيلة هذه السنوات !

كأنها مطرقة هوت على احلامي .







تعليقات

أحدث أقدم