نتنياهو يمثل ببراعة أمام الكونغرس الأمريكي

مشاهدات



 جاسم الشمري

 

ذكرت المادة الرابعة من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في 22/‏11/‏ 1969 في بند الحق في الحياة :

1 - لكل إنسان الحق في أن تكون حياته محترمة، هذا الحق يحميه القانون، وبشكل عام، منذ لحظة الحمل، ولا يجوز أن يحرم أحد من حياته بصورة تعسفية .

 

وهذا الكلام المنمق الجميل تناقضه الوقائع والأحداث والسلوكيات الأمريكية في فيتنام وأفغانستان والعراق وفلسطين وتحديدا في غزة ! وتأكيدا لهذا التناقض الأمريكي حظي خطاب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، يوم 25 تموز/‏ يوليو 2024، أمام أعضاء الكونغرس بترحيب واسع وتصفيق حاد من المشرعين الذين حضروا الجلسة «التاريخية»! ولم يحصل في تاريخ الكونغرس الأمريكي أن صفق لأي مسؤول أمريكي أو أجنبي لأكثر من 80 مرة خلال 50 دقيقة منذ دخوله إلى الكونغرس وحتى لحظة الخروج منه ! وكانت كلمة نتنياهو مليئة بالأكاذيب والتزوير والتزييف للحقائق وكأن العالم لم يكن يتابع الجرائم الإسرائيلية في غزة عبر النقل المباشر! وتطرق السفاح نتنياهو رؤيته لغزة لمرحلة ما بعد الحرب، والتحالف الذي يسعى كيانه لتشكيله لمواجهة إيران، وكذلك إشادته بالجهود الأمريكية لدعم بلاده في مواجهة حماس وحزب الله!

 

وتأكيدا للهزيمة الصهيونية حاول نتنياهو خداع العالم بفعاليات إعلامية واستعراضية باهتة حيث أحضر معه بعض أفراد عوائل الأسرى الصهاينة وأحد الضباط «المسلمين» الذين يقاتلون في صفوف الجيش الصهيوني ! والضابط الصهيوني «المسلم» هو أشرف البحيري، والذي عرف عنه نتنياهو قائلا بأنه : « جندي بدوي من مجتمع رهط المسلم الإسرائيلي . وفي السابع من أكتوبر، قتل أشرف أيضا العديد من الإرهابيين. في البداية، دافع عن رفاقه في القاعدة العسكرية، ثم سارع بعد ذلك إلى الدفاع عن البلدات المجاورة، بما في ذلك مجتمع كيبوتس بئيري المدمر»! وأكد نتنياهو: «مثل أشرف، حارب الجنود المسلمون في جيش الدفاع الإسرائيلي إلى جانب رفاقهم اليهود والدروز والمسيحيين وغيرهم، وهم من كل عرق ودين وتوجه سياسي»! ولا ندري أيّ دين هذا الذي يَدّعي البحيري الانتماء إليه والإسلام دين قائم على الولاء والبراء القلبي قبل العملي، فكيف بمَن يحارب في صفوف الصهاينة ضد العرب المسلمين في غزة؟ ومع جميع صور الدعم الرسمي لنتنياهو إلا أن الموقف الشعبي الإنساني في الداخل الأمريكي كان له كلمته التي، ربما، لم تكتب من قبل!

 

وكانت بداية الفعاليات الشعبية بحرق العلم الأمريكي خلال الاحتجاجات على زيارة نتنياهو، ولم يتوقف الأمر عند هذه الخطوات النادرة الحدوث في الداخل الأمريكي ! حيث أطلق بعض الناشطين المؤيدين لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق «ووترغيت»، مقر إقامة نتنياهو بواشنطن، في ذات التوقيت الذي كان نتنياهو يتحدث فيه أمام الكونغرس، وفقا لصحيفة «التلغراف» البريطانية. وهذه المواقف تضرب بقوة الموقف الرسمي في الكونغرس الأمريكي لأن المواقف الشعبية أقوى وأمتن من المواقف الرسمية في ظل حالة عدم توازن القوى السائدة في العالم اليوم ! وبالعودة إلى خطاب نتنياهو نجد أن نتنياهو حاول، وبالطرق المباشرة وغير المباشرة، الحصول على الدعم الأمريكي لحربه في غزة، وربما، لبقائه في منصبه لمدة أطول! وقد يكون خطابه بمثابة إعلان الهزيمة الصهيونية وانتصار المقاومة بعد عشرة أشهر من الصمود والبطولة! الحقيقة الدامغة أن نتنياهو، ومهما حاول عبر خطابه المكتوب بعناية أن يخدع العالم، سيبقى من أبرز سفاحي العصر الحديث، ولا يمكنه أن يُجَمِّل صورته وصورة كيانه أمام العالم!

 

فعلا إنه زمن الهبوط والنحر للقيم والإنسانية!
لا تصفقوا للقتلة والمجرمين!
ولا تطبلوا وتلمعوا صورة الشاذين المنحرفين!



تعليقات

أحدث أقدم