صباح الزهيري
كتبت الست ولاء العاني المحترمة مقالا صريحا تعلق فيه على أحداث لبنان بعنوان ( تبادل الأدوار بين الجلاد والضحية ) , علقت عليه قائلا ( اللهم لا شماتة ) , وأحببت ان اتماهى مع المقال بشيء من التورية : اللهم لا شماتة , يفرض الفرح شروطه , فيصبح للصمت في أركاني , نشوة الفجر ولذة القهوة , في الماضي كانت لنا أشياء تزرعنا ورود وقصائد لبنية في مشاتل الحرف , كنت أنتظر الهطول , لأتسكع بين حروف صمت القصيدة , وكانت المرايا تمنحني حرفًا , وصلاة تغشاني . الشَّمسُ حَقيقةُ النَّهارِ , والحَقيقَةُ قَدْ تَغْفُو, لَكِنْ تَسْتَيقِظُ نِكايَةً بِالَّليلِ , لِتَكْنُسَ البَداوَةَ مِنَ العُشبِ , وكَيْ تُثْمِرَ أملا في حُقولِ الجَمالِ , فهلْ يَحجُبُ الغربالُ الشَّمسَ ؟ .
رأيتك تضحك ملء شدقيك وهم يذبحونني , همست لك وحذرتك أنك حين تبصق الحياة للأعلى , سيسقط البصاق على وجهك , وأنا ظننتك الطهر وأنبل القلوب , وظننتك النقاء وأجمل معالم الوفاء , ولكنك لم تعلمني كيف أفطم قدري من حدود تيهك , وفي اللاوعي أخذتني أحلامي حيث كنت أعيش , وانت لم تمخر عباب المنافي التي أبعدتني , الآن هي عينها التي أبعدتك . عندما سألني كيف ترى الكتابة ؟ أجبته : ان الكتابة ليست كمينًا , بل فن وجمال , تلعن سطوة الريح , وتذيب تعتيم الروح , لأرى بوضوح كيف الزمن يودعنا دائما ذاكرة أتلفها النسيان , وانت ترجلتَ وكفرت بآخر همسة , نطقتها الآلهة ذات شجن .عندما تصاحبت النار مع الماء , فقدت الحياة معناها وتوقفت , وراحوا خلسةً , يصلون لرب مكتشف حديثًا في البادية , واكتب حانقا : يؤلمني صلبك , لأن القلب ما زال متشردًا معك , فمتى تلملم أشيائي المتشردة معك...؟ ما زالَ صهيلُ الاسئلةِ يطرقُ أبوابَ الروح , ويُضرّجها بدماءِ الحيرةِ , فتقطرُ الاحتمالات دمًا أسود , ولا أجوبةَ , وأنا الذي أعتبرتك أعلى من الجَلال , كنت لك كحبات التوق المكبوسة , كمعالم اختلال مشترك , كسلاسل الانتشاء لتقويس جرح , كعروق اللسعة في مرآة الالتصاق , كجلود الدلتا لقنص عضة الانغماس , ومثل حيز لفظي , فلم هللت حين جردوني ؟ أنت التفاحة التي أردتُ قِطافها , فغافلتني وقفزت الى النهر, النهر الذي ابتسَمَت مياهه نكاية بي , فجلستُ أنا المخدوع على ضفتهِ أقطف الزهر وأرميه نحوك كل يوم , وعند المغيب تهرب مني في الدروب , وتنشغل عني البيوت الدافئة , وانا أرسم في الهواء ملامح وجهكَ ويدك التي كنت افترضها ملوحة للشمس , الا اني حين رأيت الخطيئة تلوح من عينيك , أصبح حتى الصمت يتقن قراءة خطوط القلب بكياسة .
من ذاكرات الصور, جنون وصلاة وجد, ووجع كبير, كمْ أتمنى أن تبتل ذاكرتي بالنسيان , حين سألتهم عمن لا يخون , قالوا : حتى الحلم خان وطنه, فما أسهل أن يخونك القلب والنبض , ياله من مصير , انت أكبر من قدر عابث , أستئمنته فركلني صوب هزيمة مؤقتة , ادركت بلا شك أني قد بالغت بالمودة , وبقي لي من الأحجية, ما دفنته بين غفران الوصايا, كنبوءة افتراق . يطلب الغفران لروحه العليلة بالحب , وهو الذي أثقل قلبي بسكرات الجدب, غفرانك يا إلهي , لم أشا اعلان الفرح , لكني همست لروحي : (( تتعلمين تخطيط كل دروبك بناء على حاضر يومك , لأن أسس الغد مخططاتها غير مضمونة , والمستقبل لديه وسائله للخذلان بمنتصف الرحلة , وبعد فترة تتعلمين , أن حتى أشعة الشمس تحرق إذا بالغت في الاقتراب , لذا تزرعين حديقتك وتتزيّنين , بدلاً من انتظار شخص ما ليمنحك الزهور, وأيضا تتعلمين أن بمقدورك حقاً الاحتمال , أنك حقا قوية , وذات قيمة , وتتعلمين وتتعلمين , مع كل وداع تتعلمين )) .
إرسال تعليق