أكاديمية العلوم العربية

مشاهدات

 


ضرغام الدباغ


بتاريخ 17 / 10 / 2006 ، توجهت برفقة صديق إلى مكتب تسجيل الشركات والجمعيات في حي نوي كولن ببرلين، وقدمت طلباً بأسمي لتأسيس كيان بأسم : (Deutsch Arabisches Zentrum) المركز الألماني العربي بتخصص : دراسات، معلومات، نشر. وخرجت من المبنى بعد 14 دقيقة وبيدي سند تسجيل المركز. وبصراحة، كانت لدي الكثير من الآمال  للمركز، ولكن توقعاتي لم تكن واقعية، لأنني كنت غير ملم بما يكفي بالانترنيت وبحجم النشاط الالكتروني، ووجود مئات ملايين المواقع في، الفضاء الخارجي يحفل بألآف الأقمار الصناعية ، وليست جميع هذه المواقع من ناس أمثالي، بل الكثير منها مدعومة من دول ومؤسسات، وهناك غايات معلنة وغير معلنة، الكثير منها أهدافها شريفة، ولكن أكثر منها غير ذلك، وهناك من يعمل ويقدم خدمات جليلة، ولكن هناك من يخلط السم بالعسل ..! ومعظم المواقع تعمل بحرفية عالية، وبعضها يقدم مادة شهية ليس بوسعك مقاومتها ، ولكن مقدار الحقيقة فيها ربما ضئيلة ...! وفي السباحة في هذا الفضاء الالكتروني، عثرت في تجوالي .. على مواقع كثيرة .. كثيرة جداً، باللغة العربية ذات توجهات هدامة ، من جميع الأصناف : هدم سياسي، واجتماعي، وثقافي، وتشجيع على الإباحية والالحاد، وتمزيق لقيمنا، ومواقع هدفها تقويض المجتمعات العربية / الإسلامية، واحباط معنويات الناس، والمدهش أن هناك كتاب شرفاء يعملون فيها، نعم هم قلة، ولكنهم موجودون، وربما بعضهم يجهل الغاية التخريبية، ولكن حتماً هناك من يعرف ولكنه يتجاهل .. وهي دون ريب هدامة، وجبهة التصدي لهذا الاجتياح الالكتروني تعمل، ولكنها ضعيفة، وبوسائل غير محكمة، الولايات المتحدة تسيطر على 76% من حجم الأنباء والبرامج .. فتأمل !

 

واجهت صعوبات في العمل، معظمها مالية، ولكني كنت قد قررت ألا أعمل تحت أي لافتة.. مهما كان لونها  لأنها ستفقدني استقلالي الفكري، وستفرض علي خطاً ومنهجاً، وحين طلب مني شخصية ذلك بصراحة ، أعتقد أنه يمنح لنفسه الحق بأن يطلبها مني، ثم أن أعمل تحت رعايته ... وكدت أن أرد عليه بإجابة بحجم طلبه ، وأكثر قليلاً ... ولكني تعوذت الشيطان فاكتفيت بالسخرية منه  فهو بالكاد يستطيع أن يكتب نصف سطر يستحق القراءة ..! حين بدأنا العمل، كنت أريد أن أصدر نشرة أسبوعية باللغة العربية عن أهم الاحداث السياسية والاقتصادية والثقافية في ألمانيا، وتوزع على نحو 500 عنوان في البلاد العربية، منها وزارات الخارجية والاعلام والتعليم العالي والثقافة في العواصم العربية ، ثم نشرة باللغة الألمانية عن أهم الاحداث السياسية والاقتصادية والثقافية في البلاد العربية وتوزع على نحو 450 شخصية ومؤسسة ألمانية. وأصدرنا نحو 25 عدد، (لستة شهور) ثم توقفنا والسبب الرئيسي هو مالي . وباعتراف جهات كثيرة أن النشرة كانت عملاً ممتازا لجهة الاخراج الفني والمحتوى العلمي / الاعلامي لهذه النشرة . ولم يكن يساعدني في هذا العمل الكبير والشاق سوى فتاة ألمانية ذكية تحسن الانكليزية والفرنسية إضافة للألمانية بالطبع . ولكن للأسف لم نجد التشجيع الذي كنا نأمله، والسبب الرئيسي هو أن الفضاء الالكتروني يعج وبكثافة بالنشرات التي تصدرها مؤسسات صحفية عملاقة وبقدرات مالية وصحفية / فنية هائلة، وليس من مجال لجهة ناشئة (بصرف النظر عن قدراتها وكفاءتها) وبأمكانات هي في الواقع لا شيء سوى الحماس والإرادة على تقديم شيء . ولكننا اضطررنا للتوقف، وتعديل خطة العمل، وانصرفت الفتاة الألمانية إلى عملها، وقررت مواصلة العمل وتوزيع النشرة مجاناً خدمة للثقافة العربية، أوقفنا النشرة باللغة الالمانية، ولكن واصلناها باللغة العربية لمدة 15 عاماً (2022)، كنشرة شهرية عن أهم الاحداث السياسية والاقتصادية والثقافية في ألمانيا الاتحادية، نشرة تصدر بنحو 15 صفحة ، بالصور والالوان،  واجهتنا مشكلات من كافة الصنوف، وهناك من كان يحاول إيقاف عملنا، لا أدري لماذا ..! مع العلم كنت أوزع النشرة مجاناً، وأعلم أن هناك جهات كبيرة كانت تأخذها وتعيد طبعها تحت عنوانها، وهو عمل مؤسف اخلاقياً، إضافة أني وجدت في العمل متعة النشر والإنتاج الثقافي، وعدد من الأصدقاء صاروا متابعين للنشرة ، وهكذا قررنا أن نواصل إصدار نشرة شهرية " إجمالي الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية في ألمانيا خلال شهر ....". وقد تواصل صدور هذه النشرة وتوزيعها مجاناً منذ عام 2005 ولحد الآن 2022، (16 عاما متواصلة) . وفي أواسط عام 2021 أضفت لفعاليات المركز، إصدار كتب الكترونية، بسبب الصعوبات في النشر المطبوع ورقيا، وتوزيعه . وقررت أن أبدأ بنشر الكتب التي قمت بتأليفها ونشرها منذ عام 1984، في بغداد وبيروت ودبي، وعمان، ولندن، وكندا، فقررت إعادة نشرها وتوزيعها مجاناً، وكذلك الكتب التي قمت بترجمتها عن الألمانية، ليبلغ مجموع ما نشرت من كتب صادرة عن المركز الألماني العربي نحو 63 كتاباً مؤلفا ومترجماً وزعتها على مئات العناوين البريدية، نحو 1200 عنوان، والعديد من هذه العناوين تقوم بإعادة  بتوزيعها، لذلك يصعب معرفة العدد الذين وصلتهم هذه الكتب مجاناً في الوطن العربي، وفي أرجاء العالم، فأنا أستلم رسائل كثيرة جداً من كافة أقطار العالم .. وحسبي أن أقوم بخدمة الثقافة العربية، مجاناً ودون مكاسب شخصية. ولكني أتلقى الشكر والامتنان من شبان من اليمن، وموريتانيا والجزائر والمغرب ... وطلاب دراسات عليا من مختلف الأقطار العربية ... وهذا ما يشعرني بالرضا ..! اعتقد جازماً، أن من فطن من القراء (وهناك عدد لا بأس منهم ..!) الذين حرصوا أن يطلعوا بصفة ثابتة على منتجات وإصدارات مركزنا، صارت عندهم مكتبة كبيرة، وبمجموعها، صارت عندهم اطلاع دقيق على الشؤون الألمانية/ السياسية والاقتصادية والثقافية. وعلى 400 بحث نسبة حوالي 25% مترجم، عن الألمانية، وحوالي 65 كتاب، منها حوالي 20 كناب مترجم، أعمال سياسية وأدبية وتاريخية مهمة، منها موسوعة تاريخ العرب بأجزاءه الأربعة، وهو عمل كبيرة قام بتأليفه مجموعة أساتذة ألمان . أوقفنا صدور النشرة الشهرية مضطرين بعد إصابتي الصعبة، عام 2022، وحينها كنت عاجزا حتى عن فتح وغلق الحاسوب، في حالة شلل شبه تام ، وفقدان للنطق، والذاكرة ... اما العودة للكتابة  فكان أمرا خيالياً لا يخطر على بال حتى الكادر الذي كان يعالجني ....ولكني بعد العلاج الناجح، وأنا مدين به لمستشفى الشارتيه/ برلين،( Charite Berlin) ولزوجتي ومئات الأصدقاء الذين كانوا يهاتفونني ويكتبون لي، وزوجتي تسجل أسمائهم ، ورفيق بعثي أردني (خلدون حدادين) أشعل صفحات الفيسبوك والتواصل الاجتماعي ... ضرغام في خطر ...

 

أقول بعد العلاج الجراحي والفيزياوي، فتحت أفاق عمل جديدة ، وإذا كان من المتعذر (بنسبة معينة) إدارة موقع على الأنترنيت، لأسباب التعب والارهاق ، بالمقابل خاطبتني أدارة المواقع والمراكز الثقافية الألمانية، مناشدتي متابعة نشاطي الكتابي/ الثقافي، فإن مركزنا من بين القليل من المراكز الصامدة ألاكثر لهذه المدة الطويلة (16 عاماً)، لذلك فأني كثفت نشر البحوث والدراسات المؤلفة والمترجمة حول مختلف قضايا الثقافة (سياسة، اقتصاد، فنون، آداب، عسكرية، فلسفة، تاريخ) وبلغت هذا اليوم العدد الذهبي (400) بحث ... وبمرور الوقت تعلمت وتطورت آليات إنشاء النشرة، بحيث لا تستغرق مني إلا وقتا قصيرا جداً، كما أني اعتدت الترجمة من الألمانية إلى العربية بسهولة ، ولكن مع تقدم العمر وتراجع الصحة وقوة النظر، صرت أعاني من التعب بسرعة، ومن بطء في الترجمة،  ولكني قررت ألا أتوقف ابداً .. وأن أواصل العمل حتى آخر دقيقة من عمري . لن يصيبني تعب في خدمة الأمة، فقد أوقفت حياتي من أجلها .. لذلك سيواصل المركز الألماني / العربي الإرسال ....  منذ سنوات طويلة تراودني فكرة إنشاء معهد دبلوماسي، وبحوث سياسية وتنموية، وهي مجازفة محسوبة ، لأنه سيكون المعهد العربي الوحيد خارج سلطة الأنظمة العربية . ومعهد سيعلم الشباب العربي الدبلوماسية وتهيئة كوادر سياسية وفنية وإدارية للدولة . وقد توفقت في طرح الفكرة على علماء عراقيين معروفين بكفائتهم ومكانتهم العلمية ، وممن كانت لهم خدمة دبلوماسية مرموقة في وزارة الخارجية العراقية .  فوجدت الجميع متحمسين مثلي على التعليم المهني البحت بعيداً عن التوجهات السياسية / الحزبية ، والهدف الوحيد هو نشر الثقافة السياسية / الدبلوماسية بوسائل علمية، استناداً لأرقى المناهج التعليمية في العالم . أقمنا هذا المعهد بجهود فردية وبمساعدة مخلصة من شباب عرب . " أكاديمية العلوم العربية ". المركز الألماني العربي الذي يعمل بدون ضجة، وبدون دعم (لم نتلق سنتاً واحداً) من قوى عربية أو أجنبية وهذا محط فخري واعتزازي، وأود التنويه أنني لم ألقى الدعم المادي كما نوهت ، بل حاول أحدهم الالتفاف على هذا العمل وإنهاؤه .. أو تسخيفه (تلاعب ضروري للغة ..!) ولكني كنت فاطن للمحاولة ففشلت في مهدها ....! 2024/ايلول/01  تم نشر العدد أربعمائة ..... رقم كبير جداً لم أكن شخصيا أتوقعه ، كنت أتمنى أن أصل إلى كافة القراء العرب بأوسع مدى ممكن، مجاناً ودون مقابل .. وقدرت إن خطر ببال أحد قرائي أن أقدرهم بأكثر من 6000 قارئ ، يصله المنتوج مباشرة ، وربما هناك بضعة ألاف تصلهم عبر أصدقاء لهم .  ... أنا أدرك أنها جولتي الأخيرة ..فعلي أن ألعبها بشكل جيد، أن تكون خدمتي الأخيرة جيدة ويستفيد منها من يريد الاستفادة .

16- عشر عاماً .....

-192 نشرة شهرية...

-400 بحث ودراسة ...

-65 كتاب صدر عن المركز .... ووزع مجاناً

شكراً ....! شكراً لمن تابعنا ... شكراً لمن تعاطف معنا ... وسوف نواصل العمل بلا هوادة ..... ونبقى معاً في خدمة العلوم والثقافة العربية حتى آخر نفس ..!

تعليقات

أحدث أقدم