استراتيجية الأغتيالات الإسرائيلية

مشاهدات



الفريق الركن صباح نوري العجيلي

 

المدخل :

تبنى الجيش الاسرائيلي استراتيجية جديدة للأغتيالات وتصفية القيادات السياسية والعسكرية العاملة بالميدان بأسبقية عالية منذ انطلاق حرب غزة وذلك في اطار سياسة الأنتقام بعد طوفان الأقصى بالسابع من اكتوبر العام الماضي والتي كانت عملية تعرضية ناجحة باغتت قوات واستخبارات الاحتلال وأربكت حكومته اليمينية المتطرفة وأضعفت معنويات المجتمع الاسرائيلي لقد نجحت قوات وأجهزة الاحتلال في تحقيق خرق امني كبير للقيادات والمكاتب والمقرات ومن ثم تمكنت من تصفية قيادات مهمة من الخط الاول على الساحة الفلسطينية واللبنانية وحققت مكاسب معنوية مما ينعكس سلباً على منظومة القيادة والسيطرة لاسيما وان المقاومة في حالة حرب مستمرة ومباشرة مع كيان الاحتلال المتفوق تقنياً ومادياً والمدعوم من مخابرات واجهزة دول أجنبية بمقدمتها الولايات المتحدة . للموساد والجيش الاسرائيلي سجل اسود في أغتيال وتصفية القيادات الفلسطينية والشخصيات العلمية والاكاديمية العربية من العاملين في مجال الطاقة النووية والبحث العلمي . تمكنت استراتيجية الاغتيالات الاسرائيلية التي طبقت بعد حرب غزة من أستهداف شخصيات قيادية سياسية وعسكرية مهمة يشكل فقدانها خسارة للمقاومة في وقت بلوغ الصراع مع قوات الاحتلال مداه وأشده ، وعليه ينبغي تحليل مسلسل الاغتيالات الاسرائيلي والوقوف عند جوانب الضعف والثغرات التي يستثمرها هذا الكيان المغتصب .


ابرز الشخصيات المستهدفة :

سوف نتطرق الى اهم الشخصيات القيادية التي أستهدفها الاحتلال منذ حرب غزة في السابع من اكتوبر / تشرين الاول عام 2023 :


- اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس الذي اغتيل في طهران عند حضوره مراسيم تنصيب الرئيس الايراني الجديد مسعود بزشيكيان في الاول من اب / اغسطس 2024

- حسن نصر الله الامين العام لحزب الله اللبناني ، اغتيل بقصف جوي عنيف طال مقر للحزب تحت الارض في الضاحية الجنوبية في 29 ايلول 2024 .

- يحيى السنوار : رئيس حركة المقاومة الاسلامية حماس الذي أستشهد بأشتباك مع قوات العدو في رفح - غزة يوم 17 تشرين الاول الحالي .

- محمد الضيف : القائد العسكري لكتائب القسام ، اغتيل بغارة جوية اسرائيلية على غزة في الاول من أب 2024 .

- صالح العاروري: نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أغتيل بصاروخ طائرة اسرائيلية استهدف مكتب حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 كانون الثاني 2024 .


قيادات من الصف الاول لحزب الله تم تصفيتهم بغارات جوية اسرائيلية على اماكن تواجد اغلبهم بالضاحية الجنوبية لبيروت ابرزهم : 

فؤاد شكر الشخص الثاني بالحزب وابراهيم عقيل قائد العمليات وابراهيم قبيسي قائد منظومة الصواريخ وهاشم صفي الدين خليفة حسن نصر الله (قيد التدقيق) وسهيل حسين حسيني قائد منظومة الاركان ومحمد سرور قائد وحدة المسيرات وأحمد وهبي قائد مشرف على قوة الرضوان وغيرهم من القيادات .

- حادث تفجير 3000 جهاز استدعاء (بيجرز) واجهزة اتصالات (هوكي توكي) في 17 و18 ايلول  2024 على عناصر من حزب الله في لبنان والذي تسبب بمقتل 37 واصابة اكثر من 3000 اغلبهم من قيادات الخط الاول والثاني للحزب وأصابة السفير الايراني في لبنان بالحادث، وهذا الحادث يستهدف أغتيال وقتل وإعاقة جماعية .  

- الاغتيالات الجماعية لسكان غزة من النساء والاطفال الابرياء حيث بلغ عدد شهداء حرب غزة 42519  والجرحى الى 99637 .


دوافع الاغتيالات الاسرائيلية :

تبنى كيان الاحتلال منذ اكتوبر الماضي سياسة الاغتيالات لتحقيق عدة أهداف تختلف بتنوع الشخصيات المستهدفة، ومن أبرزها :

-حرمان المقاومة من الشخصيات القيادية المؤثرة التي تمتلك القدرات والخبرات والتجارب والعلاقات.

- الانتقام وتعزيز الردع عبر إيصال رسالة أن الكيان يمتلك اليد الطولى التي يمكن أن تصل اي شخص معادي يقاوم مشروعها .

- رفع الروح المعنوية للمجتمع الاسرائيلي بعدما اهتزت المعنويات على أثر عملية طوفان الاقصى ، وتعميق الشعور بأن حكومتهم تدفع عنهم التهديدات، وتنتقم من المقاومين .

-إضعاف فاعلية قوات ووحدات عبر وضع القيادات والكوادر الفاعلة تحت ضغط الاستهداف في أي وقت، وهو ما ينعكس على تشديد إجراءاتهم الأمنية مما يقلل عادة من مساحة تنقلاتهم وتحركاتهم واتصالاتهم، ويحد من فعاليتهم .

- المراهنة على إضعاف الجماعات التي اغتيل قادتها، عبر إيجاد فجوة قد تقود لخلافات داخلية وانقسامات بعد غياب القائد المؤثر .

- رفع كلفة الاشتراك في مقاومة الاحتلال بهدف ترهيب الشعوب والامة ودفعها للابتعاد عما يجلب ردود فعل إسرائيلية انتقامية .


أسباب نجاح حملة الاغتيالات :

في ضوء المعطيات نستطيع القول ان استراتيجية الاغتيالات قد حققت الى حد ما أهدافها في تصفية قيادات وشخصيات مهمة في ظرف دقيق للغاية ، وبتصورنا ان ذلك يعود الى :
- التنسيق بين استخبارات الجيش الاسرائيلي واجهزة الموساد والشاباك وتبادل المعلومات الفورية عن القيادات المطلوبة وتحركاتهم .
- التفوق التقني لقوات واجهزة الاحتلال التي تستطيع الرصد والمتابعة للاشخاص المطلوبين من خلال الاجهزة الالكترونية وبصمات الصوت .
- وجود الجواسيس والمتعاونين الذين ينقلون المعلومات الدقيقة عن اماكن الهدف وتحركاتهم .
- وجود ثغرات بالامن الوقائي للمقرات والمكاتب والامن الشخصي للقادة مما سهل عملية الاختراق الامني التي حققتها قوات الاحتلال
- نفذت الطائرات المسّيرة الاسرائيلية ادوار مهمة بالاستطلاع والرصد والمتابعة والحرب الالكترونية ومهاجمة الاهداف وأغتيال وقتل القيادات
- نفذ سلاح الجو الاسرائيلي طلعات قتالية وهاجمت طائراته المتطورة المقرات والمكاتب في اعماق الارض لتصفية القيادات وكذلك قتل ضباط الحرس الايراني وفيلق القدس في سوريا
- المساعدة المخابراتية الأجنبية وبخاصة الامريكية التي تزود الاحتلال بالمعلومات الدقيقة عن القيادات وهناك فرقة عمليات خاصة امريكية تعمل في غزة بحجة انها تبحث عن الرهائن الامريكيين .

الخاتمة :

تمثل القيادات في حرب التحرير والمقاومة حلقة رأسية مسؤولة عن منظومة القيادة والسيطرة وقيادة الرجال في أصعب المواقف والأزمات ، وعندما تستهدف القيادات فان الغاية الرئيسة للعدو هي كسر إرادة رجال المقاومة والشعب و قضيتهم العادلة . استراتيجية الاغتيالات من الاستراتيجيات الخطيرة التى تتوخى حرمان المقاومة والشعوب الى قيادات تحتاجها وقت الحروب والظروف الصعبة . لذلك ينبغي معالجة جوانب الخلل والضعف ومنع العدو من استثمار مسلسل الاغتيالات لصالحه لاسيما وان الصراع بلغ مداه وأشده في هذا الظرف الدقيق . الأمن الشخصي للقيادات وأمن المقرات والمكاتب وانتخاب البديلين والردفاء وتهيئة المقرات البديلة والاجراءات الالكترونية المضادة والوقائية ، تعد من الامور الجوهرية التي ينبغي مراعاتها عند الحروب في ظل التفوق التقني للجيوش .

تعليقات

أحدث أقدم