الانجاز والفوضى حالتان لا تجتمعان ابدا

مشاهدات



محمود خالد المسافر


لقد تابعت الأحداث المؤسفة التي تخللت مباراة منتخبنا الوطني مع المنتخب السعودي الأخيرة في وقائع بطولة الخليج العربي وما سبقها من تصريحات ومناكفات، ولا بد من القول إنه من الخطأ الفادح أن نضع اللوم على شخص واحد أو متغير واحد أو سبب واحد، لأن العراق كله يمر بظروف الفوضى الإدارية منذ أن احتلته اميركا وبعد ذلك سلمته لإيران لتحكمه الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد الإداري والمالي الذي وضع لبنتها الاولى المحتل الأمريكي واستفادت منه الإدارة الحاقدة ، على كل ما هو عراقي وعربي، التابعة للولي الفقيه . 


أن الإدارة الحكومية في عراقنا اليوم هي بلا قيم ولا اخلاق ولا تفهم متغيرات الحاضر لأنها لا زالت تعيش في الماضي لذلك فليس لديها رؤية واضحة للمستقبل . ولذلك فإن كل شيء في بلدنا يعاني من التشظي كما هو حال سياسييه ، إمعات المحتل الأمريكي والايراني . ولا ينبغي أن نذهب ونعاتب إخوة واشقاء وأصدقاء من دول اخرى لانهم تصرفوا على نحو خاطئ في جزئية معينة من غير أن نكون اولا عراقيين واعين وموحدين غير متفرقين ولا داعمين للفاسدين والمجرمين والعملاء . لا تهم ابدا تفصيلات مثل أن السلطات في الكويت سمحت فقط لخمسة آلاف مشجع عراقي لحضور البطولة بينما سمحت لإضعاف هذا العدد من دول اخرى ، ولا يهم ابدا أن بعض الإخوة في الخليج  نسوا بسرعة شديدة ما قامت به الجماهير العراقية في بطولة الخليج التي أقيمت في مدينة البصرة الفيحاء، ونسى بعض اخوتنا في الدم والنسب وشركاؤنا في الخليج العربي . لا تحاسبوا يونس محمود على ضحكته أو ابتسامته لأنها أمر بسيط جدا أما ما تشهده الرياضة والفن والعلوم والطب والتعليم من انهيار عظيم. لا تلوموا فنان عراقي يغني للفريق العراقي ويملأ أغنيته بكلمات فيها دلالات طائفية، لأن هذا المغني يغني للطبقة الفاسدة والطائفية التي تحكم العراق تحت راية الولي الفقيه. لا يجوز أن نلوم البعيد قبل القريب ولا يجوز أن نلوم الصغير قبل الكبير ولا يجوز أن نلوم المواطن قبل المسؤول ولا ينبغي أن نلوم الضعيف قبل أن نلوم القوي . كل هذه مبادئ أساسية لإرساء قواعد العدل وتضعنا في الطريق الصحيح لفهم الاشياء وتقييم الأحداث على نحو صحيح . 


أنا وغيري نفهم أن شعبنا العراقي يتوق إلى يوم يفرح فيه وسط حجم الآلام المخيف التي مر ويمر بها منذ عقدين من الزمن . أنا أيضا اقدّر أن مشجعي الكرة عموما لا يأبهون كثيرا بالسياسة بقدر اهتمامهم بتفصيلات المباريات واللاعبين . ولكنني انصح المشجعين العراقيين المثقفين أن يتابعوا المشجعين المغاربة ، ليعرفوا ان كل عمل في الدنيا له رسالة ، وان الاستمتاع بحد ذاته لا يمنع أن يكون الفعل رسالة فضلا عن الاستمتاع، ولا ينبغي أن يجرنا الاستمتاع بعيدا عن منظومتنا القيمية الأصيلة . أن مشجعي الفرق الوطنية هم سفراء الوطن إلى العالم . ولذلك نرى اليوم أن العالم لا يرحب بمشجعي المنتخب البريطاني عندما يلعب منتخبهم خارج البلاد، فلا تكونوا مثلهم. انتقلوا ثقافة العراق الأصيلة إلى الخارج. انقلوا قيم العراق الثابتة إلى العالم، لا تكونوا ممثلين للطبقة الفاسدة في العراق بل كونوا ممثلين السواد الأعظم من العراقيين المحبين للحرية والسلام والعيش الكريم والعلاقة إيجابية متوازنة مع اخوتهم العرب وأصدقائهم ممن يشاركونهم الجغرافية. ولا بد أن أذكر ونحن نخوض في كل تلك الأمور السلبية، أن اذكر أني تابعت بفرح اللقاء الصحفي الذي أجراه اللاعب علي يوسف الذي كان بارعا في طريقة شرحه للحدث والذي عرف كيف وبلياقة أن يعاتب الإخوان من أبناء الخليج العربي. أنه لاعب مثقف واعي مدرك وفاهم . عفية عليك يا علي يوسف وأدعو كل اللاعبين أن يكونوا بمثل هذا المستوى من الوعي والمسؤولية . واخيرا اريد أن أؤكد لكل أهلنا العراقيين، انكم ستعانون كثيرا وانتم تتوقعون أن تحققوا إنجازا جماعيا في أية فعالية دولية، لأن الأساس هو ان توجهوا كل جهودكم لتغيير النظام الفاسد وترسوا أسسا صحيحة للنجاح وتحقيق الانجاز، عندها فقط يكون تحقيق الانجاز ممكنا ومستداما .

تعليقات

أحدث أقدم